سورة فصلت - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (فصلت)


        


{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (29)}
{الذين أَضَلاَّنَا} أي: الشيطانين اللذين أضلانا {مّنَ الجن والإنس} لأنّ الشيطان على ضربين: جني وإنسي. قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نِبِىّ عَدُوّاً شياطين الإنس والجن} [الأنعام: 112] وقال تعالى: {الذى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ الناس (5) مِنَ الجنة والناس} [الناس: 5- 6] وقيل: هما إبليس وقابيل؛ لأنهما سنا الكفر والقتل بغير حق. وقرئ: {أرنا} بسكون الراء لثقل الكسرة، كما قالوا في فخذ: فخذ. وقيل: معناه أعطنا للذين أضلانا. وحكوا عن الخليل: أنك إذا قلت: أرني ثوبك بالكسر، فالمعنى: بصرنيه. وإذا قلته بالسكون، فهو استعطاء، معناه: أعطني ثوبك: ونظيره: اشتهار الإيتاء في معنى الإعطاء. وأصله: الإحضار.


{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32)}
{ثُمَّ} لتراخي الاستقامة عن الإقرار في المرتبة. وفضلها عليه: لأنّ الاستقامة لها الشأن كله. ونحوه قوله تعالى: {إِنَّمَا المؤمنون الذين ءامَنُواْ بالله وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ} [الحجرات: 15] والمعنى: ثم ثبتوا على الإقرار ومقتضياته.
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: استقاموا فعلاً كما استقاموا قولاً. وعنه: أنه تلاها ثم قال: ما تقولون فيها؟ قالوا: لم يذنبوا. قال حملتم الأمر على أشدّه. قالوا: فما تقول؟ قال: لم يرجعوا إلى عبادة الأوثان.
وعن عمر رضي الله عنه: استقاموا على الطريقة لم يروغوا روغان الثعالب.
وعن عثمان رضي الله عنه: أخلصوا العمل.
وعن علي رضي الله عنه: أدّوا الفرائض. وقال سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه: قلت: يا رسول الله، أخبرني بأمر أعتصم به. قال: «قل ربّي الله، ثم استقم» قال فقلت: ما أخوف ما تخاف عليّ؟ فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه فقال: (هذا) {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الملائكة} عند الموت بالبشرى. وقيل: البشرى في ثلاثة مواطن: عند الموت، وفي القبر، وإذا قاموا من قبورهم {أَلاَّ تَخَافُواْ} أن بمعنى أي. أو مخففة من الثقيلة. وأصله: بأنه لا تخافوا، والهاء ضمير الشأن. وفي قراءة ابن مسعود رضي الله عنه: لا تخافوا، أي: يقولون: لا تخافوا؛ والخوف: غمّ يلحق لتوقع المكروه، والحزن: غم يلحق لوقوعه من فوات نافع أو حصول ضارّ. والمعنى: أنّ الله كتب لكم الأمن من كل غمّ، فلن تذوقوه أبداً. وقيل: لا تخافوا ما تقدمون عليه، ولا تحزنوا على ما خلفتم. كما أنّ الشياطين قرناء العصاة وإخوانهم، فكذلك الملائكة أولياء المتقين وأحباؤهم في الدارين {تَدْعُونَآ} تتمنون: والنزل: رزق التنزيل وهو الضيف، وانتصابه على الحال.


{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)}
{مِّمَّن دَعآ إِلَى الله} عن ابن عباس رضي الله عنهما: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا إلى الإسلام {وَعَمِلَ صالحا} فيما بينه وبين ربه، وجعل الإسلام نحلة له. وعنه: أنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها: ما كنا نشك أنّ هذه الآية نزلت في المؤذنين، وهي عامة في كل من جمع بين هذه الثلاث: أن يكون موحداً معتقداً لدين الإسلام، عاملاً بالخير داعياً إليه؛ وما هم إلاّ طبقة العالمين العاملين من أهل العدل والتوحيد، الدعاة إلى دين الله وقوله: {وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ المسلمين} ليس الغرض أنه تكلم بهذا الكلام، ولكن جعل دين الإسلام مذهبه ومعتقده، كما تقول: هذا قول أبي حنيفة، تريد مذهبه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8